بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلا )
مع أن كل المؤمنين أصحاب خير وفضل إلا أن الله اختص بعض المؤمنين بالفضيله عن غيرهم ووصفهم بأنهم حقا هم الرجال لأن من أهم صفاتهم الصدق والوفاء بالعهد والدوام عليها .
ونظن ونحتسب على الله والله حسيب شخصيتنا أن يكون واحدا من هؤلاء الرجال الصادقين الأوفياء .
بلدنا ميت سهيل منها الكثير من الأثرياء والأغنياء وأصحاب المناصب عالية القدر ، لكن للأسف الصادقون الأوفياء منهم قلة والأبرار الكرام منهم ندرة.
ومن هؤلاء القلة شخصيتنا هذه لم يلجأ اليه الناس إلا وجدوه وفيا كريما ، بل من غير أن يطلبوا منه كان يبذل كل ما فى وسعه وطاقته من أجل خدمة بلده التى تربى فيها ونشأ عليها .
ومع أنه غادرها وهو صغير إلا أنه لم ينساها أبدا حتى توفى ، وصدق رسول الله حين قال نعم المال الصالح فى يد الرجل الصالح ) ، وقال الناس الناس كإبل مائة تكاد لا ترى فيها راحلة ، بمعنى أنه من الصعوبة أن تجد فى الناس وهم كثرة من تـُحمِل عليه أومن تلوذ به أومن تركن إليه أومن تعشم فيه ونظن أن من هؤلاء القلة هذا الرجل الفياض البر الجواد الذى لم يبخل يوما من الأيام بماله على أهل بلدته وأقاربه أنه الحاج عبدالقادر قنصوة.
ــ ولد الحاج عبدالقادر قنصوة بقرية ميت سهيل مركز منيا القمح شرقية فى عام 1939م لأسرة فقيرة بسيطة الحال عيشهم فى الدنيا كفافا ، ولم يكتفى القدر بهذا ما هى إلا أعوام قلائل حتى مات العائل والراعى لهذا البيت والد الحاج عبد القادر وتكلفت أمه رعايته وتربيته
وكانت لهذه الظروف الصعبة على الحاج عبدالقادر لها أهميتها فيما بعد ذلك ، حيث ربـّت فيه معنى الكفاح والجد والاجتهاد وقوت عنده الطموح بأن يغير من وضعه إلى الأفضل وإلى الحياة الكريمة كما أوجدت عنده شفقة ورقة على أصحاب الحوائج ومن كانوا فى مثل حاله وهو صغير
وكان هذا الرجل يلقب بهتلر رئيس دوله ألمانيا صاحب الاسم اللامع الزائع الشهير وظل هذا الاسم معوفا به حتى توفى رحمه الله مما يدل على أنه كان من أصحاب الهمم ويحلم بأن يكون بهذه الشهرة التى نسمعها عن ذلك الرجل .
لما بلغ سن الثانية عشر اضطر للسفر إلى القاهرة ليعمل فى إحدى المصانع الموجودة فيها ليتكسب منها وليتعلم صنعه أو حرفة من ورائه وبالفعل فقد استطاع أن يعمل فى إحدى المصانع التى كان صاحبها أجنبى وقد ظهرت بوادر الذكاء على ذلك الفتى فأحبه العاملون فى المصنع وبالأخص صاحب المصنع الذى قربه إليه وتعلق به ولما كان تأميم جمال عبدالناصر للشركات وتطهير البلاد من الأجانب فقام صاحب المصنع بتحويل ملكية المصنع إلى ذلك الشاب اليصبح عبدالقادر قنصوة فى يوم وليلة صاحب ذلك المصنع وكان عمره فى ذلك الوقت 21 سنه والذى كان فاتحة الخير عليه ومنطلقه إلى الغنى فقد استطلع أن يطور من المصنع ليصبح مؤسسة وشركة كبرى لها اسمها فى القاهرة بل فى مصر كلها بل لتصبح من اكبر الشركات الموجودة فى الشرق الأوسط وكانت طبيعة هذه الشركة تعمل فى مجال الكيماويات تحت اسم شركة مصر الكيماوية
ـــ من أهم الأعمال الخيرية التى قام بها الحاج عبدالقادرقنصوة:
من الأعمال التى قام بها الحاج عبدالقادر قنصوة داخل البلدة ( ميت سهيل ) :
لقد كان الرجل سخيا منذ فتح الله عليه ولم يزل كذالك حتى توفى ، فما قصده انسان فى حاجة عامة أو خاصة إلا لبى له حاجته ولعل أبرز ملامح الكرم تبدو فى الأتى :
1ـ كفالة الفقراء والأيتام بالبلدة من أهله وغيرهم من أهالى البلدة الفقراء والأيتام فقد كان يرسل بالأتواب من الثياب ويذبح الجمال ويجهز شنط مليئة بالعديد من مستلزمات الطعام لتوزع على الفقراء وكان هذا تحت اسم جمعية تنمية المجتمع
2ـ وجد البلدة بحاجة إلى مدرسة اعدادى وبخاصة أن أعداد كثيرة منهم تتلقى المرحلة الاعدادية خارج البلد بالبلاشون فقام بشراء قطعة ارض وتبرع بها لوزارة التربية والتعليم لإقامة المدرسة على هذه القطعة من الأرض وبعد انشاء المدرسة بعدة سنوات قصيرة احتاجت المدرسة لتوسعة نظرا لكثرة عدد الطلبة بها فقام ببناء جناح به على ثلاثة أدوار يحتوى على خمسة عشر فصلا وأقام سورا يحيط بالمدرسة كاملة من جميع الجهات وقام بتجميلها حتى أصبحت مدرسة نموذجية تسع جميع الطلبة من القرية
3ـ قام ببناء مسجد على مدخل القرية أمام كوبرى نبوى لافتقار المكان إلى مسجد حيث أن المسافرين لا يجدوا مكان للصلاة وقت انتظارهم فقام بشراء قطعة أرض وأنشأ عليها مسجدا كان له قيمته وأثرة الملحوظ على ابناء القرية
4ـ لما رأى القائمين على مصالح البلدة ذلك الفيض من ذلك الرجل طمعوا فى أن يساعدهم فى تطوير المعهد الإبتدائى الإعدادى الأزهرى بميت سهيل فقام وفد منهم بالسفرإلى القاهرة حيث مقر إقامته وطلبوا منه مساعدتهم فى تطوير المعهد ففاجأهم بأمر أدخل السرور عليهم وعلى جميع أهالى القرية وهو انه قرر بناء معهد اعدادى ثانوى خاص بالبنات حتى يشجع أهالى القريه على تعليم الإناث فى الأزهر وليقرب المسافة على المنتسبات منهم للأزهر بدلا من الذهاب للسعديين
ولم يخلف الرجل وعده فما هى إلا أيام قلائل وقام بتكليف ابن عمه الحاج مجاهد قنصوة بشراء نصف فدان على الطريق العام للقرية وتم وضع بناء الأساس وأقيم ذلك الصرح ليكتمل فى عام 1990م كل ذلك على نفقته الخاصة وأقيم يوم الافتتاح حفل ضخم وعظيم دعا إليه الحاج عبدالقادر قنصوة أعضاء مجلس الشعب والشورى ومحافظ الشرقية
5ـ وفى أثناء الحفل وعلى ملأ كبير من أهالى القرية وأمام السيد المحافظ ألقى الحاج عبدالقادر كلمته والتى فاجأ فيها أهالى القرية بمشروع أخر لا يقل أهمية عن غيره حيث وعد أهالى القرية بأنه قرر وضع حجر الأساس فى نفس يوم الافتتاح أمام السيد محافظ الشرقية لبناء مدرسة ثانوى تجارى ليرحم أبناء القرية من السفر إلى منيا القمح حيث المدرسة الثانوية التجارية هناك ، وذلك على أن تسلم تلك المدرسة فى العام التالى وبالفعل تم اتمام البناء وتشطيبه فى 11/9/1994م وحضر الافتتاح الحاج عبدالقادر قنصوة والمهتمين بالعملية التعليمية وجميع أهالى القرية ، وطالب اهالى القرية ان تكون هذه المناسبة عيدا قوميا للقرية
6ـ ولم تمض أشهر قلائل وشرع الحاج عبدالقادر فى انشاء صرح أخر له اهميته القصوى على أهالى البلدة والقرى المجاورة وهو مجمع للمصالح الحكومية بالقرية على مساحة 350 متر وهو مجمع متعدد الأدوار الهدف منه ان يكون سجل مدنى ، ومطافئ للحريق ، وعربيات اسعاف للمرضى ، .....
لكن شاء القدر وجاءت الرياح بما لا تشتهى السفن فما هى إلا عدة أسابيع من الشروع فى بناء هذا الصرح وقد توفى ذلك الرجل الجواد الكريم ليلقى إن شاء الله عند ربه جنات النعيم جزاء ما قدم من حسنات وأعمال جليلة قل أن تجد فى الناس من يقوم بمثلها
نعم لقد حزن أهالى القرية حزنا عظيما لموت ذلك الرجل الخالد فقد أدركوا أنهم بموته أصبحوا كالأيتام وبالفعل لقد حدث ما توقعوا لقد اكتمل البناء حقا لكنه وحتى اللحظة بناء مهمل لا قيمة له لأنه لم يجد من يسعى للقيام بتشغيله
رحم الله هذا الرجل الذى لم يعش من أجل نفسه فقط بل عاش من أجل سعادة غيرة فأولئك هم الرجال حقا 000
[b]